لـــ:لســان الدين بن الخطيب
جادك الغيـث إذا الغيـث همـى | يـا زمـان الوصـل بالأنـدلـس | |
لـم يكـن وصـلـك إلا حلـمـا | في الكرى أو خلسـة المختلـس | |
إذ يقـود الدهـر أشتـات المنـى | ننقـل الخطـو علـى ماتـرسـم | |
زمـرا بـيـن فُــرادى وثـنـا | مثلمـا يدعـو الحجيـج الموسـم | |
والحيا قد جلـل الـروض سنـا | فثغـور الزهـر فـيـه تبـسـم | |
وروى النعمان عن مـاء السمـاء | كيف يـروي مالـكٌ عـن أنـس | |
فكسـاه الحسـن ثوبـاً مُعلـمـاً | يزد َ هـي منـه بأبهـى ملبـس | |
في ليـال ٍ كتمـت سـر الهـوى | بالدجـى لـولا شمـوس الغُـرر | |
مال نجـم الكـأس فيهـا وهـوى | مستقيـم السيـر سعـد الأثــر | |
وطرٌ مافيه مـن عيـب ٍ سـوى | أنـه مــرَّ كلـمـح البـصـر | |
حيـن لـذّ النـوم شيئـاً أو كمـا | هجـم الصبـح هجـوم الحـرس | |
غـارت الشهـب بنـا أو ربمـا | أثـرت فينـا عيـون النـرجـس | |
أيٌّ شـئ لامـرئ قـد خلـصـا | فيكون الـروض قـد مكـن فيـه | |
تنهـب الأزهـار فيـه الفُرصـا | أمِنـت مـن مـكـره ماتتقـيـه | |
فـاذا المـاء تناجـى والحـصـا | وخـلا كـل ٌّ خلـيـل بأخـيـه | |
تُبصـر الـورد غيـوراً بَـرمـا | يكتسي مـن غيظـه مـا يكتسـى | |
وتــرى الآس لبِيـبـا فهـمـا | يسـرق السمـع بأذنـي فــرس | |
يا أهَيلَ الحي مـن وادي الغضـا | وبقلبـي مسـكـنٌ أنـتـم بــه | |
ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا | لا أبالـي شرقـه مـن غـربـه | |
فأعيدوا عهـد أنـس قـد مضـى | تعتقـوا عبدكـم مــن كـربـه | |
واتقـوا الله ، وأحيـوا مغـرمـا | يتلاشـى نفـسـاً فــي نـفـس | |
حبـس القلـب عليكـم كـرمـا | أفترضـون َ عـفـاء الحُـبُـس | |
وبقلـبـي منـكـم مـقـتـربٌ | بأحاديـث المنـى وهـو بعـيـد | |
قمـر أطلـع مـنـه المـغـرب | شقوة المضني بـه وهـو سعيـد | |
قـد تسـاوى محسـنٌ أو مذنـبٌ | فـي هـواه بيـن وعـدٍ ووعيـد | |
أحـور المقلـة معسـول اللمـى | جال في النَّفْـس مجـالَ النَّفَـس | |
سدد السهـم فأصمـى إذ رمـى | بـفـؤادي نبـلـه المـفـتـرس | |
إن يكـن جـار وخـاب الأمـل | ففـؤاد الصَّـبِّ بالشـوق يـذوب | |
فـهـو للنـفـس حبـيـب اول | ليس في الحب لمحبـوب ذنـوب | |
أمــره معـتـمـل ممـتـثـل | في ضلوع قـد براهـا وقلـوب | |
حكـم اللحـظ بــه فاحتكـمـا | لم يراقب فـي ضعـاف الأنفـس | |
ينصـف المظلـوم ممـن ظلمـا | ويجـازي البَـرَّ منهـا والمُسِـي | |
مـا لقلبـي كلمـا هبـت صبـا | عاده عيـدٌ مـن الشـوق جديـد | |
جلـب الهـم لــه والوصـبـا | فهو للأشجان فـي جهـدٍ جهيـد | |
كـان فـي اللـوح لـه مكتتـبـا | قـولـه : إن عـذابـي لشـديـد | |
لاعجٌ في أضلعـي قـد أضرمـا | فهي نـارٌ فـي الهشيـم اليبـس | |
لم يـدع فـي مهجتـي إلا ذِمـا | كبقـاء الصبـح بـعـد الغـلـس | |
سلمي يا نفس فـي حكـم القضـا | واعمري الوقت برجعي ومتـاب | |
ودعي ذكـر زمـان قـد مضـى | بين عُتبى قـد تقضـت وعتـاب | |
واصرفي القول إلى مولى الرضى | ملهـم التوفيـق فـي أم الكتـاب | |
الكريـم المنتـهـي والمنتـمـي | أسـد السـرج وبـدر المجـلـس | |
ينـزل النصـر علـيـه مثلـمـا | ينـزل الـوحـي روح الـقُـدس | |
مصطفـى الله سَمِـيٌّ المصطفـى | الغنـي بالله عـن كــل أحــد | |
مـن إذا ماعَقـد العهـد وفــى | وإذا مـا فتـح الخطـب عـقـد | |
من بني قيس بـن سعـد وكفـى | حيث بيت النصر مرفـوع العَمَـد | |
حيث بيت النصر محمًّي الحمـى | وجَنى الفضـل زكـي المغـرس | |
والهـوى ظـل ظلـيـلٌ خيـمـا | والنـدى هـبَّ الـى المغتـرس | |
هاكهـا ياسِبـطَ أنصـار العُلـى | والـذي إن عثـر الدهـر أقـال | |
غـادةً ألبسهـا الحـسـن مُــلا | تبهـر العيـن جـلاءً وصـقـال | |
عارضت لفظـاً ومعنـى وحلـى | قول مـن أنطقـه الحـب فقـال: | |
(( هل درى ظبي الحمى أن قد حمى | قلب صـب حَلَّـه عـن مكنـس | |
فهـو فـي حـر وخفـقٍ مثلمـا | لعبـت ريـح الصبـا بالقـبـس)) |
وكان ابن الخطيب قد نسج هذه الموشحّة على منوال موشحة ابن سهل والتي كان مطلعها :
قلب صب حلّه عن مكنس هل درى ظبي الحمى أن قد حمى
لعبت ريح الصبا بالقبس فهو في حرٍ وخفقٍ مثلما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق